وسائل التواصل الإجتماعي..تيار جارف كيف نحد من تأثيرات السلبية؟
تشير الإحصائيات والأرقام إلى التنامي المطّرد لاستخدام وسائل التواصل الإجتماعي بمختلف منصّاتها بين مجتمعات العالم بفئاتها المتعددة، لتأثّر فيها بطرق عديدة، سلبية، في أحيان كثيرة، بالنظر إلى ما يسود من محتوى يغذي السلوكيات القصوى بأوجهها المختلفة، وتكون فيه أرقام المشاهدات وعدد المتابعين المحدّد الأساسي بما يلغي جملة الحدود الأخلاقية من قبل شريحة واسعة من المستخدمين أو ما يطلق عليهم بـ "صناع المحتوى" بحثا عن الإعجاب والوصول إلى أكبر عدد من الجماهير لبلوغ الشهرة وتحقيق عائد مادي.
في حديثه عن هذه الظاهر لبرنامج "صباح الناس''، الجمعة 25 أكتوبر 2024، يقول الدكتور في علم الإجتماع ووزير الثقافة الأسبق مهدي المبروك إنّ المجتمعات العالمية دخلت منذ أكثر من عقد في مرحلة جديدة من التواصل عبر منصات متاحة للفئات الشعبية ولم تعد حكرا على الأثرياء كما كان الحال في السبعينات.
هذا التطوّر التكنولوجي أعطى ''حق'' الظهور لكل الفئات الاجتماعية دون استثناء بتكاليف زهيدة في "عصر التكالب والرغبة في الظهور (la rage de paraitre) بأي شكل وأي مضمون وبات الناس يتفاخرون بعدد المتابعين والمشاهدات في عصر ليس ممكنا أن تمارس الحصانة الأخلاقية والنفسية وتكون بمنأى عن الموجات الهادرة، وفق تقديره.
ويصاحب هذا التكالب والرغبة في الظهور، التلصّص (Voyeurisme) على خصوصيات الناس والتلذّذ بذلك والذي لم يعد ينظر إليه كحالة مرضية، مشيرا إلى وجود نوع من "السكيزوفرينيا" حيث تجد من يبدون استياءهم وامتعاضهم ينخرطون في هذه ''اللعبة'' أو مشاهدة محتويات من هذا القبيل.
وأشار المبروك إلى أنّه "في حضارات الميديولوجيا أصبحت حياة الناس وسلوكاتهم اليومية وقناعاتهم لا تحددها مؤسسات التنشئة كالعائلة والمدرسة ووسائل الإعلام ولكن تستأثر وسائل التواصل بتوجيه الناس."
وتجد المجتمعات أنفسها امام معضلتين إمّا معضلة الحظر وهذا فيه اعتداء على حق الناس في النفاذ إلى المعلومة، كما أنّ التكنولوجيا يمكن أن تتغلب على الحظر، أو معضلة أن تعمل العائلة على مرافقة أطفالها على استعمال ناضج وعقلاني لوسائل التواصل الإجتماعي.
وأشار إلى أنّ مردودية هذه الطريقة تكون على المدى الطويل وبجهد متعب.
ويصف مهدي المبروك المشهد عامة بالسوداوي، مشيرا إلى أنّ الاحصائيات العلمية والدراسات تؤكّد أنّه كلما ارتفع المستوى التعليمي والثقافي والانهماك في الشأن العلمي والثقافي إلا وتقلص التأثير السلبي لوسائل التواصل الإجتماعي والعكس صحيح.
كما أشار إلى المهن الهشّة التي تنتشر في القاع الخلفي للمجتمعات في عصر التكنولوجيا التي تكون مجالا للربح وتنهار معها كلّ الخطوط الحمراء، وفق تقديره.
استمع إلى مداخلته في برنامج صباح الناس: